ورثت العمارة الرومانية كافة فنونها في العمارة والنحت والزخرفة وكونوا فنا ديكتاتوريا ينتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية بمعنى أن ما كان ينفذ في روما كان ينفذ في جميع ولايات الإمبراطورية.وبالرغم من هذا نجد بعض الاختلاف في بعض المعابد والتي اضطرتها الظروف إن تتخذ هذا الشكل إما بسبب تغير الزمن أو المكان كما هو موجود في بعض المعابد الرومانية بسوريا ومصر حيث اهتم المعماري المصري والسوري بهيئةالتقطيع عن مثيله في أي مكان آخر.كما ذكرنا فالعمارة الرومانية قد اشتقت كل عناصرها تقريبا من الحضارة الإغريقية ولكن الرومان أضافوا طابعهم الخاص الذي لا يخطئه أحد, ويتضح هذا التأثر في معبد ((فورتينا فيرليس-2 ق.م ))في روما وهو من أقدم المعابد الرومانية ومن أجملها وأهم ما يميز الحضارة الرومانية عدم اهتمامهم بالمعابد الدينية فكانوا يكتفون بمحراب في كل بيت ومن أهم المعابد الدينية والذي يعتبر نموذجا آخر من النماذج المعمارية سيباي في تيفولي وقد استخدمت فيه الخرسانة والتي استخدمت من قبل الشرق ولكن في التحصينات, وقد عرف الرومان كيفية إخفاء الشكل الغير مقبول للخرسانة عن طريق تكسيتها بالطوب أو الحجر.
وأهم ما يميز العمارة الرومانية هو الطريق الجديد الذي انتهجته هذه العمارة بحيث إنها اتجهت إلى الاهتمام بالمباني الدنيوية عن الدينية وعن الأماكن العامة عن الخاصة وأيضا استخدام العقود بأشكالها المختلفة والتي اتخذت عدة أشكال جميلة.
في هذا البحث سنعرض بإذن الله أهم العوامل المؤثرة على تلك الحضارة الساحرة.
العوامل المؤثرة( الحضارة الرومانية)
1- الناحية التاريخية:
ترجع نشأة روما تقريبا إلى عام 753 و 509 ق.م وبدأ الازدهار عندما بدأ الغزو الروماني لإيطاليا عام 343 ق.م ومنذ ذلك الحين بدأت روما في شن حروبا طاحنة خارج ايطاليا وأول من سقط في الحرب الأولى صقلية عام 264 ق.م ولكن انهزمت ايطاليا على يد هانيبال القرطاجني عام 218 ق.م ولكن هانيبال اضطر إلى ملاقاة الاسكندر الأكبر على أرض قرطاجنة فانهزم عام 146 ق.م وأصبحت قرطاجنة تابعة للحكم الروماني كما سقطت مقدونيا في نفس الوقت واستولت روما على جميع فناني اليونان وكانت هذه الفترة هي حجر الزاوية في بناء هذه الحضارة العظيمة عام133 ق.م
وتم غزو سوريا عام 190 ق.م وأسبانيا عام 133 ق.م وامتدت الإمبراطورية الرومانية من نهر دجلة إلى المحيط الأطلنطي كما اتجه يوليوس قيصر إلى نهر الراين والقناة الإنجليزي وجعلاهما حدودا لإمبراطوريته عام 58- 49 ق.م. وفي عام 58 أضيفت مصر إلى الإمبراطورية وفي عام 43 كانت انجلترا تابعة للإمبراطورية.
وكشيء طبيعي اضمحل الحكم وتدهورت إلى أن انقسمت إلى إمبراطورية في الشرق وأخرى في الغرب عام 65 ق.م وانتهت عام 475م.
2- المناخ:
يقع شمال ايطاليا في وسط أوربا فيتبع القارة الأوروبية أما الوسط فمعتدل وشمسه مشرقة ولكن الجنوب فهو من المناطق الحارة وأيضا لا ننسى أطراف الإمبراطورية الرومانية والتي ذكرنا أنها تشمل وسط أوربا وغرب أسيا وشمال أفريقيا وكل هذا كان له أثر كبير في إتباع خواص معمارية معينة لتلائم كل منطقة والذي أدى أيضا لإدخال بعض الإضافات المعمارية في كل منطقة من مناطق هذه الإمبراطورية المترامية الأطراف.
3-الناحية الجيولوجية:
تختلف الطبيعة في ايطاليا عن اليونان حيث لم يعتمدوا على الحجارة فقط كما فعل الاغريق بل اعتمدوا على جميع أنواع الأحجار والطوب والفخار المطلي والقراميد.
وبالقرب من روما ونتيجة للبراكين ظهر نوع من الحجر يسمى ترافرتين وذلك أدى إلى جودة الزلط والرمل مما أدى إلى استخدام الخرسانة وقد أنشأت المباني كاملة من الخرسانة وتم تكسية الحوائط بالأحجار أو الطوب أو الرخام لتفادي الشكل العاري للخرسانة.
ومما يدل تأثر تلك العمارة بالمؤثرات المحيطة ففي سوريا ولعدم توافر تلك المواد تم استخدام الأحجار في جزيرة فيلة وفي بعلبك بسوريا.
4- الناحية الجغرافية:
ايطاليا بحكم موقعها المتميز على البحر الأبيض المتوسط وطول سواحلها على البحر, كل ذلك ساعد روما أن تكون وسيطاً في نشر الحضارة والفن إلى شمال إفريقيا واسيا الغربية وأوربا فغزى الرومان هذه البلاد بالحروب أولا وفرضت سيطرتها بقوة خٌلقهِم ثم حكموا بالقانون ثم بعد ذلك نشروا الحضارة والمدنية بالفن والكتابة.
5- الناحية الدينية:
كان الإمبراطور هو الحاكم الأعلى للدولة وهو راعي الدين ولم يكن الدين في الإمبراطورية الرومانية له تأثيره كما كان في اليونان ولم يوحد الدين بين المقاطعات الشاسعة في الإمبراطورية وكانت المباني التاريخية ليست معابد فقط بل شملت المباني العامة والمنازل والقصور ولم يكن لرجال الدين أي تأثير كما كان الحال في مصر وكان يكتفي ببناء محراب في كل منزل لصلاة العائلة وعلى ذلك لم يكن للدين تأثير واضح على المنشات والمباني الهامة في تلك الإمبراطورية الواسعة.
الرجوع لأعلى »»
--------------------------------------------------------------------------------
التأثر بالحضارات السابقة
التأثر بالحضارة الفرعونية:
تأثرت العمارة الرومانية بالعمارة الفرعونية تأثرا طفيفا وذلك عندما كانت مصر تحت الحكم الروماني, وذلك عندما تخلت عن الخرسانة والطوب واستخدمت الأحجار بدلا من الخرسانة وهذا كان شيء وارد وذلك لعدم توافر الخرسانة وتأثرها بالمعابد المصرية القديمة الشامخة ويظهر ذلك في جزيرة فيلة بمصر, ونتيجة لتأثر الحضارة الرومانية بالحضارة الإغريقية فنستطيع القول بأن الحضارة الرومانية تأثرت بالحضارة المصرية القديمة بالنسبة للعمود الدوري والذي تم نقله تقريبا من العمود المصر بالقديم.
التأثر بالحضارة الفارسية:-
لم تتأثر الحضارة الرومانية بالحضارة الفارسية ولكن يوجد وجه شبه بسيط وهو استخدام بعض المواد المتشابهة مثل الطوب.
التأثر بالعمارة الساسانية:
تأثرت الحضارة الرومانية بوضوح بالحضارة الساسانية وذلك نتيجة لفتوحات الرومان وتأثرهم بالشرق ويظهر هذا على سبيل المثال في معبد البانثيون بروما وقد عبر فيه المعماري بقوة عن الانتقال أو حلقة الوصل بين الحضارتين الإغريقية والرومانية حيث صمم المدخل على الشكل التقليدي أو الشكل المعتاد للمعابد الإغريقية ثم صمم المعبد نفسه على الشكل الدائري وهو يعتبر من الأشكال النقية وهو مغطى بقبوة ضخمة من الطوب قطرها 44 مترا ويوجد بها فتحة قطرها 8 متر ويتشابه 1ذلك بما يوجد في قصر فيروز آباد والذي يوجد به العديد من القباب حيث تصل فيه بعض القباب إلى 25.5.
التأثر بالحضارة الإغريقية:
تعتبر الحضارة الإغريقية الملهم الأساسي للحضارة الرومانية حيث تشبعت بها الحضارة الرومانية في معابدها وأيضا بعض مبانيها العامة ويظهر ذلك في معبد فينوس وهو يشابه المعابد الإغريقية من حيث ارتفاعه عن الأرض بثلاث درجات ومن حيث التغطية بالجمالون ولكن الاختلاف الوحيد أن المعبد يعتبر معبد مزدوج والاختلاف الأخر هو في اتخاذ الرومان طريق الاهتمام بالمباني العامة وليس الدينية كما عند الاغريق
أنواع المباني الرومانية
أولاً المعابد:
احتياجات الرومان لم تقتصر على المعابد فقط وإنما كانوا في حاجة إلى صالات متسعة رحبة لعرض التماثيل والأسلحة والأدوات التي اغتنموها من حروبهم ولذلك يعتبر معبد فورتينا فيرليس الأنموذج الأول للمعابد الرومانية التي حققت ذلك والنموذج الثاني هو معبد سيباي والذي كان عبارة عن كوخ مستدير في الريف الروماني ثم تم إنشائه بالحجر ويملك واجهات جميلة ورشيقة وداخل الصالة يحتوي على شبابيك وأبواب تم بناؤها بالحجر المنحوت والجدران تم بناؤها بالخرسانة ولأول مرة بكسر الأحجار والطوب وخلافه ثم غطيت الحوائط بكسوة من قطع الأحجار الصغيرة وقد استخدمت هذه المباني قبل ذلك بألفي عام في الشرق ولكنها أصبحت علامة مميزة للحضارة الرومانية وذلك لسهولة تشكيلها ورخص ثمنها وسهولة الوصول على تصميم وحدات متسعة.
وما يميز الرومان أنهم استطاعوا أن يخفوا تلك الخرسانة تحت غطاء جميل من الطوب أو الحجر أو الرخام أو بطلاء أبيض ناعم ولكنها اليوم معظمها عارية على عكس الأطلال الإغريقية والتي ما زالت تتمتع برونقها وجمالها حيث ظهرت الخرسانة العارية القبيحة التي بنيت بها المعابد الرومانية.
المساقط الأفقية للمعابد:
كانت تبنى عادة المعابد الرومانية إما مواجهة لمصدر الضوء أو مواجهة لميدان عام وكان للموقع أهمية كبرى في التصميم واهتم الرومان بمداخل المعابد ولم يهتموا بأن يكون المعبد في موقع يسمح برؤيته من جميع الاتجاهات كما كان عند الإغريق والمعابد الرومانية نوعان إما مستطيلة أو دائرية وكانت المعابد عامة تحتوي على خلوة واحدة متسعة ورواق من الأمام وعلى ذلك فالمقابر الرومانية تعتبر في منتهى البساطة من حيث المسقط الأفقي العام ومكوناته وعناصره ويعتبر الفورم الروماني هو المقابل للأجرا عند الإغريق وهو عبارة عن ميدان فسيح في وسط المدينة محاط بمعابد وأبنية رسمية خاصة بالأعمال الاقتصادية والقانونية والدينية وكان بمدينة روما عدة فورم متشابهة في مساقطها الأفقية وهي مصممة لتتماشى مع احتياجات الشعب الروماني.
أهم المعابد الرومانية:
المعابد المستطيلة (معبد فينوس):
هذا المعبد مقام على قاعدة طولها 540x 521 قدم وبه 200 عمود من الجرانيت المصري وتحتوي الواجهة على أعمدة من النظام الكورنثي ومن مميزاته أيضا أنه كان يحتوي على هيكلين ويمتاز بسقفه المغطى بالقرميد الزجاجي المغطى بطبقة من البرونز المذهب التي نزعت عنه عام 625 لتغطية سقف كنيسة سانت بيتر روما ولذا يمكن أن نتصور مقدار ما كان لهذا المعبد من روعة وجمال من حيث التنسيق الهندسي وروعة الفن التشكيلي المنبثق من التكوينات المعمارية والعناصر الفنية.
الأكروبول:
وبعد الانتهاء من إنشاء معبد البارثينون بدأ بركليس في إقامة صرح آخر باهظ التكاليف لبوابة المدخل العام التذكارية من الجزء الغربي للأكروبوليس ومرة أخرى أنشئت هذه المجموعة من الرخام واستخدم نظام المعبد الدوري في عناصر تكوين هذه البوابة التي أقيمت على موقع مختلف المناسيب غير منتظم ولكن ولأول مرة نرى في الجزء الأوسط من الممر المؤدي إلى المدخل العام للبوابة الكبرى صفان من الأعمدة الأيونية حيث كان الاتجاه في العمارة الاثينية نحو استعمال العناصر الأيونية داخل المباني الدوركية.
إن آثينا بأكروبلها الذي يسيطر على الوادي بأجمعه وبموقعها في مأمن من أي اعتداء عليها من البحر وتعتبر النموذج الأصيل للمدينة الأصيل للمدينة الإغريقية وقد كانت توجد به حفر وكهوف قديمة للدفن في جانب التل وكذلك عدد من الهياكل المقدسة والنصب التذكارية التي لم يبق منها شيء الآن ولكن وجودها قديما كان إلى حد ما سببا في توزيع المباني على التل بشكل غير منتظم وكانت المواكب الدينية التي ترقى هذا المرتفع ترى منظر الشمس والأرض والبحر والمدن القريبة بمنظر رائع وهكذا كانت طقوس المواطنين تحظى برفقة كل هؤلاء وإذا كانت آلهتهم تماثل آلهة بلاد ما بين النهرين من حيث نزواتها وغموضها فإنها مما لا شك فيه كانت أكثر منه ودا وهو ما تفصح عنه أوضاع آلهتهم المسترخاة المستريحة التي اتخذوها في الإفريز الذي يصور موكب الحفل الإغريقي الجامع كما يصور جمال الباراثينون.
ويزيد من جمال المباني التي أقيمت على قمة الأكروبول عدم تهذيب قاعدتها الصخرية الضاربة إلى الزرقة والاحمرار الداكن وكذلك أسوار التحصينات العمودية ويبدو المنظر بأجمعه وكأن مواد انفجرت من أغوار عميقة ثم بردت على هيئة بضع بلورات ضخمة متقنة الشكل مغطاة بالألوان الجميلة والمرتقي المنحدر انحدارا شديدا والمؤدي إلى البروبيلا يبرز ضخامة المباني بما يبثه في المتعبد الذي يرتقيه من التأمل العميق والإحساس بضآلته.